استخدام مواد جيّدة في البناء
ما هي الكنيسة ومن هو المسيحيّ؟
فالكنيسة الحقيقية والمتكوّنة من حجارة حية والتي ينظر إليها يسوع ويحبّها ينبغي أن تكون مصنوعة من مواد جيّدة.
2/12/2007
يعلّم الكتاب المقدّس بأن الله لا يسكن في بيوت مصنوعة بأيدي الناس. ونعلم من أفسس 2 ومن مقاطع كتابية أخرى بأننا نحن مكان حلول الله أو سكناه بالروح- أي الكنيسة. عندما تقود سيارتك في أحد الشوارع فإنك تستطيع عادة أن تميّز البناء الدينيّ لأنه يبدو كبناء دينيّ. لكن، بما أنّ الكنيسة الحقيقية مكوّنة من البشر وليست بناءً فكيف تبدو حقاً؟ كيف يمكن أن نميّز الفرق ما بين الكنيسة الحقيقيّة والكنيسة الكاذبة؟
لو عشت في أيام العهد القديم لصرت عضواً في «الكنيسة» بسبب هوية والديك (من اليهود). ولو آمنتَ بما هو حق، ولو كان والداك جزءاً من هذه الكنيسة وأنت «تحضر الكنيسة» بانتظام وتعشّر أموالك، لكنتَ عضواً في «الكنيسة». أما في كنيسة يسوع في العهد الجيد فهذا غير صحيح- ينبغي أن تعطي قلبك لله. وتصرّح النبوة المتعلّقة بالعهد الجديد بأن الكنيسة التي يبنيها الله (إر 31؛ عب 8؛ عب 10) هي كنيسة الله الحقيقية، وكل أعضائها من صغيرهم إلى كبيرهم سيعرفون اللهَ الحيّ. ولا يمكن أن تُفهَم الكنيسة إلا بهذه الطريقة. والكنيسة التي تقلّ عن هذا المقياس قد تتحلّى بدوافع جيّدة وأعمالٍ صالحة وديّنة (يقوم بها بعض الناس المخلّصين) ولكنها ليست كنيسة يسوع المسيح، وليست المنارة المحليّة إن كانت مجرّد أشخاص “يحضرون” ما قد رُتّب على رزنامة الكنيسة بدون حياة يومية محبوكة معاً (1 كو 12).
فالكنيسة الحقيقية والمتكوّنة من حجارة حية والتي ينظر إليها يسوع ويحبّها ينبغي أن تكون مصنوعة من مواد جيّدة. وكلّ بناء يُصنَع من مواد فيها علل سيسقط بكل تأكيد. فإذا كان الخشب الذي يحمل السقف فاسداً فسوف يسقط. وكذلك لن يتمكّن اللبن الطريّ أو المصنوع بطريقة خاطئة أو من المواد الغلط على حمل الثقل وسوف يسقط. وبالطريقة نفسها، فلو حاولنا أن نبني بيت الله من مواد معيبة فسيسقط أيضاً. إذا كان أحد الأشخاص لا يعرف الله بالحق فلا يمكنه أن يكون عضواً في كنيسة يسوع. وثبات بيت الله المصنوع من رجال ونساء مشروط بعدم وجود حجارة سيئة فيه (1 كو 3-5).
فهل يجب على الكنيسة أو أفرادها إذاً أن يكونوا كاملين؟ إن هذا بالطبع غير ممكن (1 يوحنا 1). ولكن ما هو مطلوب بحسب كلمة الله هو هذا: أن مئة بالمئة من الأعضاء...”يحبّون النور” و” يحبّون الحق” ويكون لهم اختبار صادق مع الله نفسه بطريقة “لم يعلنها لحم ودم”. نعم، هذا مطلوب (متى 16:16-18؛ يوحنا 19:3-21؛ 1 يوحنا 1-3، حز 19:11؛ حز 26:36؛ إر 34:31). هذا ما قال يسوع إنه سيبني كنيسته عليه، إن كانت الكنيسة كنيسته هو. وأي شيء آخر يشبه بناء بيت بحجارة طرية أو بخشب فاسد. إن الخشب الذي يبنيه يسوع ينتج عنه أفضل بيت في العالم، ولن يستخدم يسوع إلا المواد الصحيحة والجيّدة لبناء بيته.
ومن جديد فإن هذا لا يعني أن كلّ إنسان كامل. ولكنه يعني أن كل إنسان يرغب في أن يحب يسوع ويطيعه لن يرفض مساعدة الآخرين الذين يرغبون في محبة يسوع وطاعته. فالمواد الجيّدة المستخدمة في بناء بيت الله هي مثل الشخص الذي “يحبّ النور” بحسب ما قاله يسوع نفسه. والمواد الرديّة للبناء هي مثل الخشب الفاسد، وهي كالإنسان الذي يقول،”لا تحكم عليّ. اهتمّ بشؤونك الخاصة”. ويقول بطريقة دفاعية، “أخرج الخشبة من عينك أولاً”. إن هؤلاء مواد بناء غير جيّدة لا يرضى الله بها في بيته. ولن يبني يسوع بيته بهذه الطريقة. فهذا خشب فاسد وسوف يُقطَع بشكل كامل من بين الشعب (أعمال 23:3؛ متى 18؛ 1 كو 5). ومن يتصرّف بهذه الطريقة في الكنيسة الحقيقية لن يلقى ترحيباً. ولا يهمّ ما يملكه هذا الأخير من مال أو مدى اتساع معرفته للكتاب المقدس. قد يكون هذا الشخص “قائداً” ولكنه إذا لم يتجاوب بلطف مع تعاليم يسوع فلن يكون جزءاً من الكنيسة الحقيقية المبنيّة بالروح. إن كان هؤلاء يقاومون المحبة واللطف والحكمة والمساعدة والصبر فإن السماح لهم بالاستمرارية في وسط شعب الله هو ازدراء بيسوع عن طريق إهمال وصاياه.
إن الذين يخلصون لا بد وأن يحصلوا على الروح القدس (رومية 9:8؛ غل 3؛ أف 1). والدليل على وجود الروح القدس في داخلهم هو أنهم يحبّون الطاعة (بغض النظر عن عدد المرات التي يخبرون فيها “شهادتهم” ويقولون “يا ربّ، يا ربّ” متى 7). فهم الآن خليقة جديدة ويحبّون النور، ويحبّون الحق (2 تس 10:2). وهم مثل الأطفال المولودين حديثاً “يشتهون” أن يطبّقوا كلمة الله في حياتهم (1 بط 2). من له الروح القدس فهو يحبّ النور ويحبّ الحقّ...وعندها سيتغيّر سلوكه. سوف يتوب هؤلاء عن الطريقة التي عاملوا بها زوجاتهم أو أزواجهم ويتغيّرون. وسوف يتوبون عن الطريقة التي عاملوا بها زملاءهم في العمل، أو أولادهم، أو جيرانهم، وسوف يتغيّرون. إنهم يتوبون عن خطاياهم الماضية وعاداتهم الشريرة ويتغيّرون ويصبحون أكثر نضجاً.
إن عطية الروح القدس هي العربون الذي يضمن لهم الميراث. قال يسوع في يوحنا 3، “هذه هي الدينونة”. أي أن هذا هو ما يفصل البريء عن المذنب. ليس أن الجميع كاملون ولكن جميع الذين غُفِرت خطاياهم “يحبّون النور”. فلهم عطية الروح التي لم يمتلكوها من قبل. والآن أصبحت قلوبهم الحجرية في داخلهم قلوباً ليّنة لحمية. فالله يساعدهم في داخلهم لكي يحفظوا وصاياه وأحكامه. ومن الداخل يهتمّون بما يقوله يسوع عن سلوكهم. فالخراف تعرف صوت الراعي لأن لها روح يسوع. والخروف يقول، “أريد أن أتبع يسوع! قٌدْني في ذلك الطريق”. أما الجداء فتقول، “دعني وشأني! أستطيع أن أفعل المعجزات! أستطيع أن أعطي أموالي للفقراء! إنني مطّلع وأفضل منك ولا أهتمّ بما تقوله”.
إن المؤمن، شريك العهد الجديد، يحبّ الحق (2 تس 10:2) ويحبّ النور (يو 19:3-21)، وهو الآن “شريك الطبيعة الإلهية” (2 بط 4:1؛ رو 1:6-14). هذا هو الدليل على سكنى الروح فيه أو في أيّ منا. ولسنا مضطرين لأن نقبل كلام كلّ إنسان بشأن ذلك بقوله “يا ربّ! يا ربّ!” فالمخلَّص هو فقط من قدّم ذاته وحياته ليسوع، وصار بذلك متلامساً مع السماء ومسكناً لخالق المجرّات، وبذلك أصبح “عضواً” في الكنيسة المحلّية (رو 9:8-11؛ لو 57:9-62؛ يو 12:1-13؛ 16:3-21؛ 1يو 8:3-10؛ 18:5-20).
فالمنارة الحقيقية هي الكنيسة الصحيحة، وهي تقتصر على (100% من “الأعضاء”)! الذين لهم الإعلان عن الابن “لأن لحماً ودماً لم يعلن لهم ولكن الآب الذي في السماء نفسه هو أعلن لهم”. ليس الموضوع هو عن الاقتراب من الله أو معرفته أو التكريس له أو النمو. إنما هو لقاء شخصيّ مع الله الآب في شخص ابنه، حين ينتج الموت من العدم حياة من النوع الذي يعطيه الله، الحياة الممتلئة بالروح (يو 5:3-8؛ يو 24:12؛ رو 1:6-14؛ غل 14:6-17). ويوجد بالطبع من “يحتاج إلى الحفظ” وآخرون مما يحتاجون إلى “سنة أُخرى” (يو 8:13-9؛ يو 15؛ 1 يو 19:2؛ يهوذا 11-25).
نحن إما أن تكون لدينا حياة فائقة للطبيعة معه وأحدنا مع الآخر، أو أن مسيحيتنا ليست المسيحية الكتابية ولسنا كنيسة شرعية. لا شكّ بأنه يوجد بعض المخلّصين الذين “يحضرون” منظمات ليست هي كنائس حقيقية مع أنهم يدعون أنفسهم الكنيسة، هذا موضوع آخر. لكننا نقول ببساطة هنا إننا لن نمسّ عرش الآب (بل سنمسّ فقط مشاعرنا الجسديّة الغامضة) إذا لم نعش معاً بحياة الروح لحظة فلحظة متّصلين بالرأس وأحدنا بالآخر! فالخدمة الطقسية التي”تجري لتكريمه” أو لتعلّم الحقائق عنه، أو لطلب المشاعر السماوية عن طريق موسيقانا- لم تغيّر على مر التاريخ إلا حياة قليلين ليصبحوا مشابهين لصورة الابن. ونحن إما نشارك في جوهر الألوهية معاً يومياً أو إنها ليست حياة أبدية ولا منارة ولا كنيسة حسبما أراد الله أن تكون. “خميرة صغيرة تخمّر العجين كله”.
يجب ألا نكون أطفالاً صغاراً يقولون الأشياء الصحيحة ولكنهم لا يعيشون مثل يسوع. فالكنيسة ليست مجموعة من المسيحيين المزيّفين الذين يقولون ما هو صحيح لكن روح يسوع لا يحيا في دواخلهم كأشخاص. يسوع هو البنّاء العظيم. ولن يبني حجارة هشة أو خشباً فاسداً. فهو يريد أن يبني بيتاً مجيداً يحيا فيه- بيتاً يليق بأن يسكن فيه لأنه الملك. لذلك ينبغي أن تكون مواد البناء لبيت الله من أفضل نوعية. إن الكنيسة الحقيقية التي يصنعها الله، لا يدا الإنسان، مبنية من حجارة حية- المؤمنين الحقيقيّين- بالمقارنة مع الحجارة الميتة، واللِّبْن والقش. لن يبني يسوع إلا بمواد بناء جيدة. إذا دخلنا معه في رباط العهد والقسم، ورجعنا عن كل المحبّين الآخرين، وولدنا ثانية، ستغدو قلوبنا ليّنة وسوف نحبّ تعاليمه ونريد بالحقّ أن نغيّر الأشياء في حياتنا والتي هي بحاجة إلى تغيير وأن نلتفت إليه في لحظات الشدة والضيق ونطلب منه ومن إخوتنا وأخواتنا المساعدة، وعندها نصبح حجارة حية جميلة للبيت الذي يسكن فيه يسوع. يمكننا أن نصبح عروساً مجيدة ليسوع بل سنغدو كذلك. هذه هي بشارة ملكوت الله.