قيادة يسوع
في الحياة
المهم هنا هو نوعيّة الحياة التي دعا شعبه لكي يحيوها معاً وليس «ترتيب الاجتماع»!
2/12/2007
وتأتي أهمية كل ما قلناه سابقاً من كون نوعية الحياة الموصوفة في 1 كور 12-13 شرطاً يسبق الفصل 14. وفي الحقيقة فإن هذا هو “خطير” إلى حدٍ ما بدون ذلك النوع من الحياة اليومية. ولا يمكننا أن نتحدّث ببساطة عن “الاجتماعات” بدون أن نغفل عن شيء هام جداً. فالموضوع أكبر بكثير، فهو يتعلّق بديناميكيّة حياة يسوع في شعبه! عندما يحيا الناس المتديّنون بطريقة عالمية وبدون تواصل مركزين على نفوسهم سيصبح العرض المسبق التحضير الذي يقدّمه رجل واحد “واقياً” واضحاً من البشر الغريبين والخطاة والشهوانيين والذين يستخدمون “الحرية” مسرحاً لطموحهم. فنوعية الحياة حسبما جاء في 1 كور 12-13 هي شرط مسبق وافتراض للحرية في 1 كور 14.
يجب أن نجمع هذه “الصور” السابقة المتعلّقة بالأوقات التي يلتقي فيها القدّيسون معاً باعتبارهم كهنة وليس “مستمعين” بحسب القصد في (أف 10:3) والحياة اليومية في أعمال 42:2-47، و1 كور 12، وعب 12:3-14 و”مئات الأمهات والإخوة والأخوات». قال يسوع إن هذه خطته. المهم هنا هو نوعيّة الحياة التي دعا شعبه لكي يحيوها معاً وليس «ترتيب الاجتماع»! فما يريده يسوع هو ميراثه وليس «اجتماعاً» أو «انتقال المعرفة» أو «ترنيماً عاطفياً». ورغبة قلبه هي في الإنسان الكامل، حسب لوقا 23:9-27،57-62- فالمسيحية الحقيقية هي أن يكون الجميع لابسين روحه «من الصغير إلى الأعظم».
ليس الأمر في أن نسترخي أكثر بقليل ونتحلى بالمرونة فيما يختص باجتماعاتنا المخطّط لها أو غير المخطّط لها، في حين ندعو ذلك بأنه “انقياد بالروح”. فعدم معرفتنا المسبقة بما سوف نفعله لا يعني بأن الأشياء ستكون مقادة بالروح. إن الأمر ليس كذلك البتة. مع أن المزوّرين “مثل ينّيس ويمبريس» يبدون من وجهة نظر أرضية مشابهين جداً لما هو حقيقيّ.
ما أوسع الفرق بين تغيير إصلاح الدين الطائفيّ بكل بساطة وبين الحياة في حقيقة يسوع المقام الحيّ! فالتغيير الخلّاق لكل من «الاجتماعات» و»الهيكلية» (في مكان دينيّ أو في «بيت») ليس مهماً جداً مقارنة مع الفرصة التي يضعها الله أمامنا اليوم. فهو لا يدعونا إلى هيكلية «جديدة ومحسّنة». إن الله يدعونا إلى علاقة يومية لنأكل معاً من شجرة الحياة مع مسيحه!
وهذا بالتأكيد سيغيّر ما لدينا من «اجتماعات»- ولكن هذا الثمر وليس الهدف. فلا قيمة في الواقع لتغيير التعاليم والتقنيات وديناميكيات الاجتماع ومدى اقتراب الناس في حياتهم معاً و»المحفظة المشتركة» غير الكتابية أو غيرها من الطرق الشعبية ولا لتحسينها جميعاً. فما نريده (إن كنا نحبّ ما يحبه الله!) هو منزل يسكن فيه يسوع «الماشي» (رؤ 1-2) بدون معوّقات كملك حيّ يسود. وهذا وحده هو الحياة الفعّالة (كما يدعوها يسوع)، وهي حياة فائقة للطبيعة وسماوية ذات طبيعة أبدية لا يمكن أن تفنى، تحيط بحقيقة عالم القوة والحق والمحبة والحياة وهو العالم الذي لا يرى بالعيان. لقد هيّأ يسوع هذه «الحياة بأكملها» وحياة «أنهار ماء حيّ» لشعبه من بُعدٍ آخر، من عالم لا يمكن رؤيته بعيون البشر وبتواتر النور الأرضيّ.
إن الحياة معاً في المسيح ليست حول «كيفية إقامة الاجتماعات». فما أحضره يسوع إلى الأرض مع تسبيحات الملائكة لا يمكن البتة أن يكون سطحياً وخارجياً كمستوى كل هذه «الاجتماعات»- حيث «يشارك» عدد أكبر من الناس- هل هذا ما مات يسوع من أجله؟ لا، مستحيل! لم يأتِ يسوع إلى هذه الأرض لكي يحضر لنا طريقاً جديدة لإقامة الاجتماعات أو لتكون لنا كنيسة أو «حركة» ما. فهذا تافه جداً بالمقارنة مع « بواسطة الكنيسة...حسب قصد الدهور!» فالله يريد أن يشلّ العدو ويحدّه ويذلّه- ويغيّر حياة بعد أخرى بعد أخرى إلى نوعية حياة الابن وحكمته وقوته. فهو «آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد»- ليس إلى الخلاص بكل بساطة. إنه يبني كنيسته التي لا تقدر أبواب الجحيم أن تقوى عليها. وبنعمة الرب يسوع المسيح وبسلطانه، نحن نأخذ أبناءنا وبناتنا وعائلاتنا وجيراننا من سيادة الشيطان وعبوديته وتتغير حياة الناس. لقد أعطانا عالماً جديداً بأكمله لكي نعيش بجانبه- هواءً جديداً لنتنفّسه وعيوناً جديدة ترى، وآذاناً جديدة تسمع، وقلباً جديداً يشعر ويحبّ. وهذا الفرق يؤثّر على كل شيء في الحياة بما في ذلك «الاجتماعات»!
هل يمكنك أن ترى أن هذا يتطلّب شجاعة؟ هل يمكنك أن ترى أن هذا يتطلّب إيماناً وطاعة؟ هل يمكنك أن ترى أن هذا سيغيّر حياتك عندما تبتدئ في العيش بموجب هذه الأشياء؟ لن تبقى بعد مربطاً إلى سرير! نحن ملكوت كهنة في كل يوم، أما الاجتماعات فهي بالحقيقة زيادة. فتسعون بالمئة من نموّنا تأتي من حياتنا المشتركة معاً، وربما يأتي عشرة بالمئة فقط من الاجتماعات. وهذا يعني أنه ينبغي عليك أن تترك بيتك وتدخل إلى بيوت الآخرين. يجب أن تُحضِر الماء أو الغذاء أو الثياب إلى بيوتهم. وعندما ترى أنهم غاضبون على طفل مثلاً فربما يلزم أن تأخذهم جانباً وتتحدث معهم وتمشي معهم. وعندما ترى الكبرياء في حياتهم، يجب أن تضع ذراعك حولهم وتسألهم ألا يسلكوا بكبرياء. وعندما ترى الأنانية في حياة الأخ، فإنك تضع ذراعك حوله وتقول، «أرجو ألا تكون أنانياً فيما بعد». فنحن لا نغمض عيوننا إلى أن يحين موعد الاجتماع القادم. إننا نعيش في وسط حياة الآخر بشكل يوميّ ككهنة يقومون بعمل الله ونحن مثل «مئات الأمهات والإخوة والأخوات». وهذه أيضاً وصية مطلقة من الله في عبرانيين 3 وفي مقاطع كتابية كثيرة جداً.
عبرانيين 12:3-14: “اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ. بَلْ عِظُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ. لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ”.
لاحظ ما يقوله الكتاب- فهو كلام الله. يقول الله القدير لك ولي بأنه يجب أن نعظ أحدنا الآخر كل يوم ونساعد أحدنا الآخر. يجب أن نكون أحدنا بجانب الآخر يومياً. فقد اختار الروح القدس أن يقول لنا “كل يوم». ولم يقل كلّ يوم أحد. ولم يقل كل يوم أحد ويوم أربعاء. وحتى لم يقل في الاجتماعات. لكنه قال أن نشترك كل منا بحياة الآخر بطريقة صادقة يومياً. فإن كان الآخرون متواجدين ولم تشترك في حياتهم بسبب نظام حياتك أو كبريائك أو أنانيّتك أو نوع الحياة الذي اخترته فالله يقول لك إنك ستتقسّى ولن تعود قادراً على الشعور بما يشعره هو. سوف تُخدَع وتظن أنك تعرف ما هو حق في حين أن الأمر ليس كذلك. هذا ما يقوله الكتاب بالتحديد! فهو لم يأمرنا بفعل ذلك فحسب لكنه قال إنه إن لم نفعل هذا فسوف نؤذى جداً. إذا لم يكن لي إخوة يتحدّثون لي كل يوم عن حياتي- كل يوم- فسوف أتقسّى. وقد تقول، «لكنني أقرأ الكتاب المقدّس كل يوم!» «لكنني أصلّي كل يوم!» «زوجتي مؤمنة وأنا أراها كل يوم!» هذا ليس ما يقوله الله. يمكنك أن تقرأ الكتاب المقدس وتصلّي كل يوم ولكن إن لم تشترك في حياة الآخرين كل يوم فسوف تتقسى شيئاً فشيئاً وسوف تُخدَع شيئاً فشيئاً. هذا ما يقوله الله في عبرانيين 12:3-14. هل تؤمن بالكتاب المقدّس؟ هل تؤمن بالله؟
من الذي كتب الكتاب المقدّس؟ الله! قال الله إنه يجب أن نشترك أحدنا بحياة الآخر في كل يوم. فإن رأيتني أتصرّف بأنانية فيجب أن تأتي إليّ وتقول، «يا أخي، لا تكن أنانياً. هذا يحزن يسوع». وإذا رأيتني أسلك بكبرياء فأرجو منك أن تساعدني وتذكّرني بأن الله يقاوم المستكبرين. فأنا لا أريد أن يقاومني الله! يجب أن تساعدني، لأنني لا أستطيع أن أرى ذلك كل حين، ولا يوجد من يقدر على ذلك. «عِظُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ». وهذا جانب مهم من حياتنا اليومية معاً (وهو غير مطاع بالمرة تقريباً عالمياً). وهذه طريقة رئيسية لاستخدامك المواهب لأننا كهنة و»كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا».
إذا وضعت هذه الحقائق الكتابية قيد الممارسة فسوف تتعجب كم ستصبح قريباً من يسوع في غضون سنتين من الآن. “عِظُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ”. شارك في حياة الآخرين ومع أولادهم وفي زواجاتهم وفي أماكن عملهم «كُلَّ يَوْمٍ». اذهب إليهم! يجب أن تخرج من «نطاق الراحة» وتذهب إلى حيث لم تمضِ من قبل! نعم، أقصدك أنت! :) أرجو أن تفعل ذلك من أجل يسوع! تكلّم بالكلمة "كما لله" لحياة الآخرين بطريقة عمليّة وحكيمة وكلها محبة، كلّ يوم. “فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ»، لَهُ تَرْجَمَة» «وَلكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لآخَرَ جَالِسٍ فَلْيَسْكُتِ الأَوَّلُ». وعندما تطبّق هذه فربما تجد أن إنساناً ما ظننت أنه مؤمن لكنه لا يحب ّ يسوع بمقدار ما حسبته. وقد تجد أيضاً من كنت تظنه ضعيفاً لكنه الآن أقوى وأحكم مما تتخيّل. إن طرق الله تكشف عن التزييف والتزوير، وتعطي الضعيف قوة، مجداً لله!
هذه الحقائق الغنية توضع الآن في عهدتك. طبّقها عملياً من أجل يسوع. يجب أن تعرّف من هو المسيحيّ بالحق بحسب ما قاله يسوع. يجب أن تفهم القيادة وكيف ينبغي أن تكون. عيشوا حياتكم في كل يوم معاً، مشجعين أحدكم الآخر وبانين أحدكم الآخر. ساعدوا أحدكم الآخر لكي تنموا وتحبوا يسوع أكثر في فترات بعد الظهر وخلال أوقاتكم المسائية. التقوا معاً حول الملك يسوع.
إن الكتاب المقدس صحيح مئة بالمئة بأكمله. إنه يتعلّق بيسوع وبأتباعه. وهذه قصص عن كيفية تألّمهم وتعلّمهم في اختباراتهم مع الله. ويمكننا بكل تأكيد أن نتعلّم من قصصهم، ولكن يمكننا أيضاً أن نتعلّم بالطريقة ذاتها التي تعلّموها: بالمقابلة مع الله في حياتنا اليومية. وبهذا المعنى، نحن أيضاً “رسائل حية». فكل ما نقرأه في هذا العالم لا يمكن أن يغيّرنا بالطريقة التي يغيّرنا فيها اختبار الحياة المشتركة. فلا يمكن للأشياء العميقة التي نريد أن نعرفها لن تنغرس في أعماق قلوبنا بمجرّد قراءتها من الورق. فبينما نعمل معاً كل يوم فإن يسوع يعلّمنا الدروس العميقة للحياة التي لم يمكن لنا أن نتعلّمها من دراسة الكتاب المقدّس عن طريق أي كتاب في العالم مع أن هذه الحقائق موجودة في الكتاب المقدّس الذي يقتنيه أي إنسان. « كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ». تصبح الحياة نور الناس.
لم يُقصَد بالحياة أن تغدو مثل مدرسة ابتدائية نتعلّم فيها بعض الأفكار ثم نؤمن بقائمة من “قوانين” الأشياء. بل عوضاً عن ذلك، دعانا الله لنصبح مثل رجاله ونسائه الذين سبقونا- متصلين مع الله نفسه الذي اتصلوا به- في علاقة محبة عميقة مع يسوع نفسه الذي أحبوه. ولكي نفعل ذلك نحن لسنا فقط بحاجة لكي نعرف ما عرفوه وإنما نحتاج أيضاً لأن نشعر بما شعروه، وينبغي أن يقودنا الله في رحلة مشابهة لرحلتهم. ونأخذ هذه الرحلة بتطبيق كلمة الله معاً على حياتنا. نأخذ هذه الرحلة والدموع في عيوننا، ولنا مواطن ضعف ومواطن قوة، محبين أحدنا الآخر، ومساعدين أحدنا الآخر- في الأوقات الصعبة وفي الأوقات الجيدة- وعيوننا على رجائنا الذي هو مسيحنا. ونحن دائماً نتقدّم إلى الأمام واثقين بأن الله هو معيلنا ويساعدنا فيما نمكث معاً.
إذا كنت تحبّ يسوع وتبني بالطريقة الصحيحة فإن أبواب الجحيم لن تقوى عليك. سوف تُسحَق الخطية. وسوف يُشفى الضعف والمرض. وسوف تُغفَر الخطايا. وسيقود اللطف كثيرين إلى التوبة. سوف تُبنى العلاقات أو تُصلَح بطريقة أفضل مما كنت تتخيل في أفضل أحلامك. سوف تضيئون كأنوار في العالم مظهرين كل صلاح الله. والعروس التي هي الكنيسة سوف “تهيّئ نفسها” وتكون مستعدة عندما يرجع العريس، آمين؟